للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زد على ذلك أن (السلام) في الاسلام دين، أمر الله به في محكم كتابه:

(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) «١» ...

٧- الوفاء:

التاريخ العسكري طافح بأعمال الظلم والانتقام التي قام بها المنتصرون، ويندر أن نجد في التاريخ كله وفاء يشابه وفاء الرسول صلّى الله عليه وسلم، بل لا نجد مثيلا في التاريخ كله لهذا الوفاء.

رأى الأنصار دخول الرسول صلّى الله عليه وسلم بلده الحبيب بعد فراق طال أمده، وشاهدوا التفاف قومه وأهله حوله، فقال بعضهم لبعض: (أترون رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ فتح الله عليه أرضه وبلده، يقيم بها) ؟ ولكنّ محمدا صلّى الله عليه وسلم ما لبث أن سألهم: (ما قالوا) ؟ فلما أباحوا له بما يخالج نفوسهم بعد تردد، قال:

(معاذ الله! المحيا محياكم والممات مماتكم) . وقد كان من حقه أن يستقر بمكة وفيها أهله وقومه، وفيها بيت الله الحرام، ولكنّ وفاءه أبى عليه أن ينسى أصدقاء الشدّة في وقت الرخاء.

ورأى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه مفتاح الكعبة بيد الرسول صلّى الله عليه وسلم، فقال له: (يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية) .

قال الرسول صلّى الله عليه وسلم: (أين عثمان بن طلحة) ؟ فلما جاء عثمان قال له: (يا ابن طلحة! هاك مفتاحك، اليوم يوم بر ووفاء) .

أما وفاؤه بعهوده وحرصه الشديد على التمسّك بها، فحديث معاد.

تلك أمثلة من وفاء الرسول صلّى الله عليه وسلم، حتى قال أعداؤه عنه قبل أصدقائه:

(إنه أوصل الناس وأحلمهم وأكرمهم وأوفاهم) .


(١) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦١.

<<  <   >  >>