كان أعداء المسلمين ضعفاء على الرغم من كثرتهم، لأن العدد الضخم من الجنود لا قيمة له إذا لم يتحلّ أولئك الجنود بالمعنويات العالية والعقيدة السامية والمثل العليا.
لقد رأينا في بحث الموقف العسكري العام للطرفين: المسلمين وأعدائهم، أن العرب كانوا متفرقين لا يخضعون إلا لسيطرة رؤسائهم الذين تسيطر عليهم الأهواء والعصبيات.
كما كان النظام العسكري عند الروم والفرس فاسدا، ولم يكن لكل هؤلاء الأعداء أهداف معيّنة يؤمنون بها ويضحّون بأرواحهم وأموالهم في سبيلها، كما كان يفعل المسلمون.
ولم تكن قيادة أعداء المسلمين تتحلى بكفاية عسكرية عالية، لأن قيادة القبائل العربية كانت بيد رؤسائها، وقيادة الفرس والروم بيد نبلائها الاقطاعيين، حتى ولو كان أولئك الرؤساء وهؤلاء النبلاء لا كفاية لهم ولا مؤهلات.
إن أسباب ضعف أعداء المسلمين إذن هي: ضعف القيادة التي كانت وراثية على الأغلب، ونظام عسكري فاسد لا يقبل الجنود فيه على القتال إلا بدافع الارتزاق أو بدافع خوف الرؤساء والنبلاء البعيدين عن مشاركة جنودهم في شعورهم وإحساسهم، وعدم وجود أهداف مثالية تؤمن بها قوات العرب والفرس والروم على حدّ سواء.
ولن ينتصر جيش مهما يكن ضخما، إذا كانت كل أسباب الضعف هذه تنخر قيادته ونظامه ومعنوياته.