تكون الأمة بغير جيش قوي عرضة للضياع، إذ يطمع فيها أعداؤها ولا يهابون قوّتها، فاذا كان لها جيش قوي احترم العدو إرادتها، فلا تحدّثه نفسه باعتداء عليها، فيسود عند ذاك السلام: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون
(١) - لقد أخذ الاسلام بمبدأ التبادل وطبقه تطبيقا كاملا معطيا بذلك أحسن المثل للدول الحديثة. قال تعالى: (الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) . يقول الإمام محمد عبده في تفسير المنار ٢/ ٢٥٨: (صرّح بالاعتداء على المعتدي مع مراعاة المماثلة، وقد استدل الإمام الشافعي بالآية على وجوب قتل القاتل بمثل ما قتل به ... والقصد أن يكون الجزاء على قدر الاعتداء بلا حيف ولا ظلم، ولذلك قال تعالى بعد شرع القصاص والمماثلة: (واتقوا الله) فلا تعتدوا على أحد ولا تبغوا ولا تظلموا في القصاص، بأن تزيدوا في الإيذاء، وأكد الأمر بالتقوى بما بين من مزيتها وفائدتها فقال: (واعلموا أن الله مع المتقين) بالمعونة والتأييد، فإن المتقي هو صاحب الحق وبقاؤه هو الاصلح والعاقبة له في كل ما ينازعه به الباطل) . ويقول الدكتور عبد الفتاح حسن في مجلة المكتب الفني لمجلس الدولة الصادرة سنة ١٩٦٠ ص ٢٧٩: (وأزيد على هذا ما هو أولى بالمقام وهو المماثلة في قتال الأعداء، كقتل المجرمين بلا ضعف ولا تقصير، فالمقاتل بالمدافع والقذائف النارية أو الغازية السامة، يجب أن يقاتل بها، وهذه الشروط والآداب لا توجد إلا في الاسلام) .