ولكنّ المسير الليلي حال بينها وبين ذلك كله، فاستطاع النبي صلّى الله عليه وسلم بقواته القليلة بالنسبة لقوات تلك القبائل، أن يتغلّب عليها ويقضي على نياتها العدوانية، ويلقي الرعب في نفوسها ونفوس القبائل الأخرى التي سمعت بانتصار المسلمين.
إن الضربة الأولى، لها أثر حاسم على نفسية الأعراب، فإذا أمكن التغلب عليهم في المعركة الأولى تشتت شملهم، وإلا فما أصعب القضاء عليهم! ...
لقد عرف الرسول صلّى الله عليه وسلم نفسية القبائل هذه، فحاول القضاء على معنوياتها بضربة مباغتة بالمسير الليلي الذي أدى الى تطبيق مبدأ: المباغتة، أهم مبادىء الحرب على الاطلاق.
٢- الهجوم فجرا:
استطاعت سرية أبي سلمة القيام بهجوم فجري على بني (أسد) ، فكان هذا الهجوم مباغتة كاملة أثرت على معنوياتهم، وأجبرتهم على الفرار.
إن الهجوم فجرأ يؤمّن المباغتة، لأن العدو يكون بين نائم لا يفيد في القتال أو مستيقظ غير متهيىء له، وهؤلاء جميعا غير متهيئين للقتال، ولا جدوى منهم للنهوض بأعباء الحرب.
ولكنّ الهجوم فجرا يحتاج الى قوة مدرّبة تستطيع معرفة أهدافها، فلا يصطدم بعضها ببعض، فيؤدي ذلك الى خسائر في الأرواح دون مبرر، مما يدل على تدريب المسلمين تدريبا متميزا على فنون القتال.
كما يحتاج الهجوم فجرا الى قيادة مسيطرة والى ضبط شديد لتنفيذ الأوامر.
إن نجاح المسلمين بهذا الهجوم معناه وصولهم الى درجة عالية في التدريب والضبط، وهما أهم عناصر الجيش القوي الرصين.