فلم يفلح، وحاول أن يعرف ذلك من المسلمين في المدينة فأخفق، وحاول أن يعرف شيئا من وفد خزاعة، فأنكر الوفد ذهابه الى الرسول صلّى الله عليه وسلم، وهكذا بقيت قريش في عماية من أمرها، حتى وصل جيش المسلمين ضواحي مكة ونزل القضاء المحتوم بقريش.
٣- بعد النظر:
القائد الناجح هو الذي يتّسم ببعد النظر بالإضافة الى مزاياه الأخرى، ويتخذ لكل أمر محتمل الوقوع التدابير الضرورية لمعالجته، دون أن يترك مصائر قواته للأقدار.
إن النصر من عند الله يؤتيه من يشاء، هذا أمر مفروغ منه، ولكنّ الله سبحانه وتعالى يكتب النصر لمن يعدّ له عدته ويحتاط لكل احتمال كبير أو صغير قد يصادفه؛ ولذلك يشدد العسكريون لإدخال أسوأ الاحتمالات في حسابهم عند الإقدام على أية حركة عسكرية.
أمر الرسول صلّى الله عليه وسلم أن يحبس أبو سفيان في مدخل الجبل الى مكة، حتى تمر به جنود المسلمين، فيحدّث قومه عما رآه عن بيّنة ويقين، ولكي لا يكون إسراعه في العودة الى قريش قبل أن تتحطم معنوياته تماما، سببا لاحتمال وقوع أية مقاومة من قريش مهما يكن نوعها ودرجة خطورتها.
وفعلا اقتنع أبو سفيان بعد أن رأى قوات المسلمين كلها، أن قريشا لا قبل لها بالمقاومة.
وقد أدخل الرسول صلّى الله عليه وسلم في حسابه أسوأ الاحتمالات أيضا، عند تنظيم خطته لفتح مكة، فقد كانت تلك الخطة تؤمّن له تطويق البلد من جهاته الأربع بقوات مكتفية بذاتها بإمكانها العمل مستقلة عن القوات الأخرى عند الحاجة، وبذلك تستطيع القضاء على أية مقاومة في أية جهة من مكة، كما