وقف كثير من قريش عند دار الندوة بمكة، كما عسكر آخرون فوق الجبال والهضاب المحيطة بها ليشاهدوا دخول الرسول صلّى الله عليه وسلم وأصحابه مكة والبيت الحرام وسعيهم بين الصفا والمروة.
فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى ثم قال:(رحم الله امرءا أراهم اليوم من نفسه قوة) ثم استلم الركن وأخذ يهرول ويهرول أصحابه معه حتى واراه البيت عن قريش.
والتطواف بهذه السرعة إظهار لقوة المسلمين وتكذيب لإشاعات الضعف التي زعمتها قريش للناس.
في هرول وهرول أصحابه حين سعوا بين الصفا والمروة.
ونحر الرسول صلّى الله عليه وسلم وأصحابه الهدي عند المروة، ثم بقي بمكة ثلاثة أيام وعاد بعدها الى المدينة، وهو لا يشك بتأثير ما رأته قريش من قوة المسلمين ومن ضبطهم وإطاعتهم للرسول صلّى الله عليه وسلم ومن تعظيمهم للبيت الحرام في معنويات قريش، فلم يكد يترك مكة حتى وقف خالد بن الوليد رضي الله عنه يقول في جمع من قريش قائلا:(لقد استبان لكل ذي عقل أن محمدا ليس بساحر ولا شاعر، وأن كلامه من كلام رب العالمين، فحقّ على كل ذي لب أن يتبعه) .
وسمع أبو سفيان بن حرب بما كان من قول خالد بن الوليد، فبعث في طلبه وسأله عن صحة ما سمع عنه، فأكد له خالد صحته، فاندفع أبو سفيان الى خالد في غضبه، فحجز عنه عكرمة بن أبي جهل وكان حاضرا! وقال:
(مهلا يا أبا سفيان! فو الله خفت أن أقول مثل ما قال خالد وأكون على دينه.