تؤمّن له توزيع قوات قريش الى أقسام لمقاومة كل رتل من أرتال المسلمين على انفراد، فتكون قوات قريش ضعيفة في كل مكان.
لقد اتخذ النبي صلّى الله عليه وسلم هذه التدابير الفعالة، على الرغم من اعتقاده بأن احتمال مقاومة قريش للمسلمين ضعيف جدا، وذلك ليحول دون مباغتة قواته وإيقاع الخسائر بها مهما تكن الظروف والأحوال.
إن هذا العمل من أروع أمثلة بعد النظر الذي يجب أن يتّسم به القائد العبقري.
٤- التنظيم:
كان جيش الفتح يتألف من المهاجرين والأنصار ومسلمي أكثر القبائل العربية المعروفة يومذاك: ألف رجل من بني سليم، وألف رجل وثلاثة رجال من مزينة، وأربعمائة من بني غفار، وأربعمائة وألف من بني جهينة، وأربعمائة من أسلم، وعدد من تميم وأسد وقيس وغيرها من القبائل الأخرى.
إن هذا التنظيم جعل المشركين يترددون في مقاومة جيش المسلمين، لأن كل قبيلة من قبائل المشركين لها في جيش الفتح عدد كبير من الرجال بل إن كثيرا من القبائل تعتبر نجاح هذا الجيش نجاحا لها على الرغم من اختلاف العقيدتين؛ والأكثر من ذلك، فان انتصار هذا الجيش لا يعتبر فخرا لقبيلة دون أخرى، كما أن إخفاق أية قبيلة في التغلب عليه، لا يعتبر عارا عليها، لأن هذا الجيش لم يكن لقبيلة دون أخرى، بل لم يكن للعرب دون غيرهم، بل كان للإسلام ولمعتنقي هذا الدين الحنيف من العرب وغير العرب.
إني أعتقد أن تنظيم هذا الجيش بهذا الأسلوب الذي لا يخضع إلا للعقيدة الموحدة فقط دون غيرها من المؤثرات، جعل القبائل كلها لا تحرص على مقاومته حرصها على مقاومة قبيلة خاصة أو قبائل خاصة، وجعل أكثر تلك القبائل لا تريد إخفاقه إذا لم تكن تريد النصر له، وهذا أدّى الى تردد القبائل