لم يستطع المسلمون الاصطدام بجيوش الروم وحلفائهم، لانسحاب جيوشهم من منطقة تحشّدها في تبوك، بعد أن وصلتهم معلومات وثيقة عن قوة المسلمين ماديا ومعنويا؛ ومع ذلك فقد انتصر المسلمون في غزوة تبوك على الروم انتصارا معنويا لا يقل أهمية عن الانتصار المادي في القتال.
لقد أدى اندحار الروم معنويا في غزوة تبوك، الى تفكير القبائل العربية الخاضعة لهم بعدم جدوى اعتمادهم عليهم لينالوا حمايتهم، ولا بدّ لهم من التحالف مع المسلمين الأقوياء ليضمنوا لهم الحماية والاستقرار، لذلك أقبلت تلك القبائل على مصالحة المسلمين وموالاتهم، وازداد انتشار الاسلام فيها عما كان عليه بعد غزوة (مؤتة) .
٦- المعلومات:
لقد كانت استخبارات الروم عن حركات المسلمين ونياتهم قوية جدا، وكانوا يستخدمون (النبط) الذين يتاجرون مع المدينة وقسم من أفراد القبائل العربية الموالية لهم، في نقل المعلومات إليهم عن المسلمين.
لقد رأيت كيف عرف ملك غسان الموالي للروم أمر غضب الرسول صلّى الله عليه وسلم وغضب المسلمين على كعب بن مالك لتخلّفه عنهم يوم تبوك، وكيف أرسل إليه رسالة يعرض عليه فيها الالتحاق بالغساسنة؛ فاذا استطاع الروم وأحلافهم الاطلاع على مثل هذه القضية الشخصية، فمن المؤكد أنهم استطاعوا الاطلاع على القضايا المهمة خاصة القضايا التي لها تأثير على الموقف العسكري حينذاك ...
لقد كانت عيون الروم منتشرة في المدينة لإحصاء حركات المسلمين وسكناتهم وتزويد الروم بكل ذلك.
ولم يكن المسلمون غافلين عن حركات الروم العسكرية وعن نياتهم، فقد استطاعوا معرفة تحشّدات قواتهم ومواضع تلك التحشّدات ونياتهم مبكرا