وأقبل رؤساء القبائل وأصحاب الطمع يتسابقون الى ما يمكن أخذه، وشاع أن النبي صلّى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وأوجس الناس خيفة إن أفشى النبي صلّى الله عليه وسلم هذه الأعطيات لمن يفدون عليه أن تنقص حصّتهم من الغنائم، فألحوا في أن يأخذ كلّ فيئه. وأكبّ عليه الأعراب يقولون:(يا رسول الله! أقسم علينا فيئنا) ، فقام الرسول صلّى الله عليه وسلم الى جنب بعير، فأخذ من سنامه وبرة، فجعلها بين إصبعيه، ثم رفعها، فقال:(أيها الناس! ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة، إلا الخمس والخمس مردود عليكم) .
وقد كان نصيب المؤلفة قلوبهم من هذه الغنائم أوفى نصيب، أما المسلمون الأولون من المهاجرين والأنصار، فقد كان نصيبهم لا يكاد يذكر.
٣- إعادة السبي:
بعد قسمة الغنائم أقبل وفد هوازن مسلما، وسألوا رسول صلّى الله عليه وسلم أن يردّ عليهم سبيهم وأموالهم، فخيرهم الرسول صلّى الله عليه وسلم بين أبنائهم ونسائهم وبين أموالهم، فاختاروا أبناءهم ونساءهم، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلم:(أما ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لكم، وإذا ما صليت الظّهر بالناس فقوموا فقولوا: إنا نستشفع برسول الله الى المسلمين وبالمسلمين الى رسول الله في أبنائنا ونسائنا، فسأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم) .
نفّذت ذلك هوازن، فأجابهم الرسول صلّى الله عليه وسلم:(أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم) . قال المهاجرون:(وما كان لنا فهو لرسول الله) ، وكذلك قال الأنصار.
ولكنّ الأقرع بن حابس عن تميم وعيينة بن حصن عن فزارة، رفضا إعادة السبي، كما رفض عباس بن مرداس، هنالك قال النبي صلّى الله عليه وسلم:(أما من تمسك منكم بحقه من السبي، فله بكل إنسان ستة فرائض من أول سبي أصيبه) .