على طريق المدينة- مكة، سمع أبو سفيان بخروج المسلمين لقتاله، فخاف أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلم قد جاء من المدينة بقوات جديدة؛ فمرّ به معن الخزاعي، وكان قد مرّ بمحمد صلّى الله عليه وسلم ومن معه، فسأله أبو سفيان عن المسلمين، فأجابه معن وكان لا يزال مشركا:(إن محمدا قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، وقد اجتمع معه من كان قد تخلف عنه، وكلهم أشد ما يكون عليكم حنقا ومنكم للثأر طلبا ... ) .
قدّر أبو سفيان أن اندحار قواته إذا اصطدم بالمسلمين ثانية معناه خسارة انتصاره في (أحد) والقضاء على قريش قضاء لا تقوم لها من بعده قائمة أبدا؛ فلجأ الى الحيلة، وبعث مع ركب من بني عبد القيس يقصدون المدينة أن يبلّغوا محمدا:(أن أبا سفيان قد قرر السير إليهم ليستأصل بقيّتهم) ، ثم سارع بالرجوع الى مكة.
٢- المسلمون:
بعد عودة المشركين ووصول النبي صلّى الله عليه وسلم وصحابته المدينة المنورة، قرر النبي صلّى الله عليه وسلم القيام بحركة جريئة تخفف من وقع الهزيمة في (أحد) وترد الى المسلمين معنوياتهم، وتدخل في روع يهود والمنافقين الرهبة، وتعيد الى المسلمين سلطانهم بالمدينة المنورة قويا كما كان ...
لذلك لم يخرج إلا بأصحابه الذين شهدوا غزوة (أحد) يوم الأحد ١٦ شوال من السنة الثالثة للهجرة، أي في اليوم الثاني من يوم (أحد) ، لمطاردة قوات قريش؛ فلما وصل الى موضع (حمراء الأسد)«١» ، وهي على مسافة ثمانية أميال من المدينة وعلى طريق المدينة- مكة، جاءه من يخبره بأن قريشا قررت السير إليه؛ فلم تتضعضع معنويات المسلمين، وقرروا لقاء قريش، وبقوا ينتظرون
(١) - حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة، اليه انتهى رسول الله (ص) يوم أحد في طلب المشركين. أنظر التفاصيل في معجم البلدان ٣/ ٣٣٧.