ارتكبت قريش كل الظلم والعدوان ضد المسلمين عندما كانوا في مكة، فلم يبق هناك مجال للمسلمين غير ترك أموالهم وأهليهم والهجرة من مكة الى الحبشة أولا وإلى المدينة أخيرا تخلصا من هذا الظلم والعدوان.
هاجر أكثر المسلمين من مكة فرارا بعقيدتهم فقط، تاركين فيها كل ما يملكونه من أهل ومال، وكان أكثر هؤلاء المهاجرين من الذين حمتهم عصبتهم من أن يصيبهم ما أصاب المستضعفين في الأرض من المسلمين الذين عذبتهم قريش ولقوا مصارعهم من جراء هذا التعذيب.
حتى الرسول صلّى الله عليه وسلم نفسه، لاقى التكذيب والإهانة، واستمع بصبر عجيب الى دعايات قريش الكاذبة ضده ومكافحتها العنيفة للدين الجديد.
وقد نجا الرسول صلّى الله عليه وسلم من مؤامرة قريش المحكمة التي دبرتها لاغتياله، كما نجا من مطاردة قريش له في هجرته من مكة الى المدينة متحملا المشاق والأهوال.
فأي ظلم وعدوان أكبر من هذا الظلم والعدوان الذي أصاب المسلمين؟
ولكنّ الرسول صلّى الله عليه وسلم عندما فتح مكة قال لقريش:(اذهبوا فأنتم الطلقاء) !!
لم يقاتل الرسول صلّى الله عليه وسلم عدوا إلا مضطرا لقتاله، وكل غزواته كانت لرد اعتداء خارجي أو داخلي أو لإحباط نية اعتداء، ولم يجد من عدو ميلا للسلام إلا بادر الى تشجيع هذا الميل، والارتباط بهذا العدو بالمحالفات.
إن دراسة أسباب غزوات الرسول صلّى الله عليه وسلم بروح محايدة بعيدة عن الهوى، تثبت أن المسلمين لم يعتدوا على أحد، لأن الله لا يحب المعتدين.
كما أن تلك الدراسة تثبت أن المسلمين لم يريدوا بقتالهم إكراه الناس على الدخول في الإسلام، فقد بقي كثير من رجالات قريش على الشرك بعد الفتح