الإعاشة والماء والنقلية والسلاح، لذلك سمي هذا الجيش بجيش العسرة: اشترك فيه المسلمون كلهم عدا ثلاثة تخلفوا عنهم، واشترك المسلمون كلهم في تجهيزه.
أنفق أبو بكر الصديق رضي الله عنه جميع ما بقي عنده من مال، وكان له يوم أسلم أربعون ألف دينار أنفقها كلها في سبيل الله، حتى تخلل بالعباءة.
وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه ثلاثمائة بعير وألف دينار وأنفق عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف ماله، كما أنفق العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلم وطلحة وعاصم بن عدي كثيرا من المال، وبهذا الإنفاق السخي أمكن تجهيز هذا العدد العظيم من جيش العسرة.
إن المسلمين عرفوا الحرب الإجماعية قبل أن يعرفها العالم بأربعة عشر قرنا؛ ولكن شتان بين حرب الفروسية التي عرفها المسلمون، وحرب العدوان التي عرفها العصر الحديث.
٢- عقاب المتخلفين:
يتخلّف عن الاشتراك بالقتال في كل حرب قديمة أو حديثة قسم من العسكريين لأسباب شتى، وفي كل أمة قوانين معيّنة، يعاقب بموجبها المتخلّفون.
ويهمنا أن تعرف أن كثيرا من عوائل المتخلفين أبيدت عن بكرة أبيها في الدول التي طبقت الحرب الإجماعية خلال الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين.
بمثل هذه القسوة الفظيعة في حرب حديثة في دول قوية راقية أخذ بها البريء بذنب الجاني، استطاعت تلك الأمم بمثل هذه القسوة الوحشية التقليل من التخلف بين صفوف جنودها عندما كانت في أوج قوتها؛ فلما تداعت قواتها تحت مطارق الحرب، تكاثر المتخلفون في صفوفها برغم قوانينها الرادعة.