وقال آخرون ممن أسلموا حديثا مثل قوله، بل إن شيبة بن عثمان بن طلحة الذي قتل أبوه في غزوة (أحد) ، حاول اغتيال الرسول صلّى الله عليه وسلم في عنفوان هذا الموقف العصيب، ليدرك ثأر أبيه من النبي صلّى الله عليه وسلم.
وترك المشركون مواضعهم للقيام بالمطاردة بعد انسحاب المسلمين، وكان يتقدم هوازن رجل على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل، وهو كلما أدرك المسلمين طعن برمحه، وهوازن وثقيف منحدرون وراءه يطعنون.
وانتشر الفزع بين المسلمين، وازدحمت المسالك بالسابلة، وارتبكت ارتالهم واختلطت القبائل ببعضها، وركبت الإبل بعضها بعضا وهي مولية بأصحابها، وتعقدت الأمور.
٢- هجوم المسلمين المضاد:
ثبت الرسول صلّى الله عليه وسلم في مكانه، وثبت معه عشرة من أهل بيته ومن المهاجرين «١» ، بينهم عمه عباس، وأخذ الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام ينادي الناس إذ يمرون به منهزمين:(أين أيها الناس!؟ أين!؟ هلموا إليّ. أنا رسول الله.
أنا محمد بن عبد الله) ، فلا يرد عليه أحد بجواب، لأن الارتباك كان سائدا في صفوف المسلمين الى أقصى الحدود.
عند ذاك أمر الرسول صلّى الله عليه وسلم عمه العباس- وكان جهير الصوت- أن ينادي:
(يا معشر الأنصار! يا أصحاب البيعة يوم الحديبية) ! ...
وكرر العباس النداء، حتى تجاوبت أصداؤه في جنبات الوادي.
وسمع النداء المهاجرون والأنصار، فأخذوا يكافحون ليبلغوا مصدر الصوت،
(١) - هم: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب والعباس عم النبي (ص) وأبو سفيان بن الحارث وابنه جعفر والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن أم أيمن بن عبيد، قتل يومئذ.