في السنة الأولى من الهجرية عدل النبي صلّى الله عليه وسلم بقبلته عن المسجد الأقصى في مدينة القدس من فلسطين الى المسجد الحرام، فجعل المسلمون وجهتهم في الصلاة بيت الله الحرام بمكة المكرمة.
وكان العرب يتّجهون الى المسجد الحرام منذ مئات السنين: يحجّون إليه في الأشهر الحرم، ويقدّسونه ويعبدون أصنامه؛ ولكنّ المسلمين كفروا بالأصنام بعد إيمانهم بالله، إلا أنهم لم يكفروا بالبيت العتيق.
فلماذا لا يقصد المسلمون المسجد الحرام زائرين له معظمين حرمته، ليرى العرب المجتمعون بمكة المكرّمة قوّتهم وليتحدّثوا عن مكانة البيت الحرام الرفيعة في نفوسهم المؤمنة؟
إنّ ذلك سيزيد في قوّة المسلمين قوّة، وسيجعل قلوب المشركين تهوى إليهم، وسيشعرون بأنهم يظلمون المسلمين عند ما يمنعونهم من حج البيت والعمرة، وسيخفف كل ذلك من حقدهم على المسلمين وبغضائهم لهم، فلا تجتمع قلوبهم على حرب المسلمين أبدا.
قرّر الرسول صلّى الله عليه وسلم الخروج الى مكة في شهر ذي القعدة الحرام من السنة السادسة الهجرية، وأوفد رسله الى القبائل من غير المسلمين يدعوهم للاشتراك
(١) - الحديبية: يقال بتخفيف الياء وبتشديدها، وهي قرية ليست بكبيرة، بينها وبين مكة مرحلة واحدة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل، ويقال إن بعضها من الحل وبعضها من الحرم، وسميت بذلك لبئر فيها تسمى الحديبية.