لقد أخذ الرسول صلّى الله عليه وسلم بفكرة حفر الخندق من سلمان الفارسي، لذلك قال فيه كلمته الخالدة:(سلمان منّا أهل البيت) ، ليشجّع على التفكير المفيد ويشيد بالعاملين للمصلحة العامة ويقطع دابر العصبيّات.
٣- الحرب خدعة:
رأينا أثر الإشاعات التي بثّها نعيم بن مسعود في تفريق كلمة الأحزاب، ولا يمكن نجاح الأحزاب أو غيرهم إلا بجمع الكلمة، فلما تفرّقت كلمتهم، كان نصيبهم الإخفاق.
إن الحرب الحديثة تعتمد على بثّ الإشاعات المثيرة لتصديع الصفوف وبلبلة الافكار، وقسم بث الإشاعات من أهم أقسام شعب الاستخبارات في تشكيلات الجيوش، وهي أسلوب من أشد أساليب الحرب النفسية فتكا.
وبقدر ما كانت الإشاعة تعمل عملها في صفوف الأحزاب، فإن الإشاعة لم يكن لها أي أثر في صفوف المسلمين.
حاول المنافقون أن يبثّوا سموم إشاعاتهم لتحطيم معنويات المسلمين، ولكنّ محاولتهم فشلت.
وعندما أرسل الرسول صلّى الله عليه وسلم أصحابه لمعرفة موقف بني قريظة، وعاد هؤلاء إليه بعد أن تأكدوا من صحة إشاعة نكث بني قريظة بعهودها، حرصوا على أن يخبروا الرسول صلّى الله عليه وسلم بهذا الخبر باسلوب من الكلام لا يفهمه غير الرسول صلّى الله عليه وسلم نفسه، فقد أخبروه بالرمز دون الافصاح حتى لا يؤثر هذا الخبر في معنويات المسلمين.
لقد عرف المسلمون أثر الإشاعة في المعنويات قبل أربعة عشر قرنا.