أقام الرسول صلّى الله عليه وسلم حوالي الشهر الواحد في المدينة المنورة بعد عودته من (الحديبية) ، ثم تحرّك بأصحابه الى مواضع (الرّجيع) من أرض غطفان، ليحول بين تعاون يهود خيبر وغطفان حلفائهم في قتال المسلمين؛ إذ استطاع يهود أن يضمنوا معاونة غطفان لهم إذا داهمهم الخطر، وبهذه الحركة استطاع الرسول صلّى الله عليه وسلم إيهام غطفان بأن الهجوم موجّه ضدهم وأن قوات المسلمين توشك أن تطوّقهم.
وعاد الرسول صلّى الله عليه وسلم الى خيبر، ولكنه أرسل مفرزة من أصحابه لمباغتة ديار غطفان بعد أن تركتها قوات غطفان الضاربة لمعاونة يهود. ونجحت هذه المفرزة في إلقاء الرعب في ديار غطفان، مما اضطر هذه القبيلة الى الإسراع بالعودة الى ديارها لحمايتها من تهديد المسلمين، وتركت يهودا وحدهم أمام المسلمين. وهكذا نجحت خطة الرسول صلّى الله عليه وسلم في عزل يهود عن غطفان حلفائهم.
ب- القتال:
وصلت قوات المسلمين قرية (خيبر) ليلا، فلم يعرف يهود أنهم أصبحوا مطوّقين بقوات المسلمين إلا عند خروج قسم من الفلاحين صباحا ليباشروا أعمالهم، فلما رأوا جيش المسلمين عادوا أدراجهم «١» .
(١) - راجع قانون الحرب والحياد من القانون الدولي: الحصار: الإحاطة بقرية أو بلد، سواء كانت محصنة أم غير محصنة مدافعا عنها أم غير مدافع، لمنع الدخول والخروج منها حتى تضطر الى التسليم. ولا يؤثر على هذه القاعدة، إن من نتائج الحصار تجويع سكان المنطقة غير المقاتلين من النساء والأطفال، بل ليس من واجب القوات المحاصرة إخطار أهل المنطقة بالحصار المزمع لتمكين المدافعين من إخلائها منهم، ولا من واجبها أن تسمح لهؤلاء بالخروج إذا طلب إليها ذلك، لأن بقاء هذا الفريق الكبير من المدنيين مع المدافعين عن المنطقة المحاصرة يزيد في متاعبها ويعجل في التسليم. وليس هناك مانع من أن يقوم المحاصرون بإجراءات أخرى تعجل في سقوطها، كقطع موارد المياه ومهاجمتها بالسلاح.