الى هؤلاء وأولئك أسوق هذا البحث عن الأسباب الحقيقية لانتصار الرسول صلّى الله عليه وسلم، وعن المقارنة بين النظريات التي جاء بها الاسلام في القتال والأعمال التي طبقها الرسول صلّى الله عليه وسلم (فعلا) ، مع مقارنة أعماله بأحدث قوانين الحرب والحياد الإنسانية، تلك القوانين التي تطابق مبادىء القتال في الإسلام في بعض تعاليمها وتعجز عن السمو الى مبادىء القتال في الاسلام في تعاليمها الأخرى.
[مجمل أسباب النصر]
قاد الرسول صلّى الله عليه وسلم ثمانيا وعشرين غزوة «١» خلال سبع سنين بعد هجرته الى المدينة راجع الملحق (م) فقد خرج الى غزوة (ودّان) وهي أول غزوة قادها الرسول صلّى الله عليه وسلم بنفسه في صفر من السنة الثانية الهجرية، وكانت غزوة تبوك آخر غزواته في رجب من السنة الثامنة الهجرية، وقد نشب القتال بين المسلمين الذين بقيادته، وبين المشركين أو يهود بتسع غزوات من تلك الغزوات وهي:
بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والمصطلق، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف، بينما فر المشركون في تسع عشرة غزوة منها بدون قتال.
ومع ذلك لم يخفق الرسول صلّى الله عليه وسلم في أية معركة خاضها المسلمون بقيادته، حتى غزوة (أحد) لم تكن اندحارا للمسلمين من الناحية العسكرية كما أسلفنا سابقا.
ولو لم يكن الرسول صلّى الله عليه وسلم هو القائد في معركة (أحد) فهل كانت تكون نتائجها خلاص المسلمين من الموقف الخطير الذي أحاط بهم من كل مكان؟
بل لو لم يكن الرسول صلّى الله عليه وسلم هو القائد في معركة (بدر) و (الخندق) و (حنين) ، فهل كان ينتصر المسلمون في كل تلك الغزوات؟
(١) - في سيرة ابن هشام ٤/ ٢٨٠، أنه قاد سبعا وعشرين غزوة، ولم يدرج غزوة بني قينقاع مع غزواته.