للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- إن أسلوب احتلال ثقيف وهوازن وادي حنين بشكل مخفي مستفيدين من الأراضي المستورة، أدى الى مباغتتهم للمسلمين مباغتة كاملة.

ولولا صمود النبي صلّى الله عليه وسلم مع قسم قليل من أصحابه، لاستطاع المشركون استثمار هذه المباغتة المتميزة الى أقصى الحدود.

٢- القيادة:

أي كارثة كان يمكن أن تحل بالمسلمين بعد هزيمتهم في أول معركة حنين، لو لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلم هو قائدهم وقت ذاك؟

لقد كان موقف المسلمين في هزيمتهم عصيبا للغاية: باغتهم العدو من مواضع مستورة في عماية الفجر، وانهالت عليهم النبال من كل جانب، فلما ارتدّوا على أدبارهم طاردهم العدو في ميدان ضيّق لا يتسع للتبعثر الذي يقلّل من الخسائر.

في مثل هذا الموقف العصيب، ثبت النبي صلّى الله عليه وسلم مع عشرة من أصحابه- عشرة فقط- واستطاع أن يجمّع مائة من المسلمين، ويكوّن منهم (ساقة) «١» يحمي بها انهزام المسلمين من مطاردة المشركين بهؤلاء المائة من الرجال، ثم يقوم بالهجوم المضاد بعد فتور زخم هجوم المشركين ومطاردتهم، فلم يعد المنهزمون من المسلمين إلا بعد فرار المشركين، فوجدوا أسرى المشركين مقرنين بالأغلال.

لم يكن موقف المسلمين حين انهزامهم سهلا، خاصة وأن حديثي الإسلام كانوا أول المنهزمين، بل المشجعين على الهزيمة.

ولم يكن النبي صلّى الله عليه وسلم يكافح المشركين في موقفه العصيب هذا وحسب، بل كان يكافح كثيرا من أعدائه المتظاهرين بالإسلام الذين كان ضمن جيشه، وقد رأيت كيف حاول أحدهم اغتياله في عنفوان هذا الموقف العصيب.


(١) - السّاقة من الجيش: مؤخرته. والساقة في المصطلحات العسكرية الحديثة هي القوة المسؤولة عن حماية المؤخرة من العدو، أي هي مؤخرة المؤخرة والجزء القريب بها الى العدو.

<<  <   >  >>