السيطرة على الأعصاب في حالتي النصر والاندحار من أصعب الأمور التي يجب أن تتوفر في القائد المتميّز.
وربما تكون السيطرة على الأعصاب في حالة الهزيمة أسهل من السيطرة عليها في حالة النصر، فكم غيّر النصر من أخلاق القادة وجعلها تتقلب من حال الى حال.
ولكنّ نصر المسلمين يوم الفتح جعل الرسول صلّى الله عليه وسلم يتواضع لله، حتى رآه المسلمون يوم ذاك ورأسه قد انحنى على رحله، وبدا عليه التواضع الجمّ، حتى كادت لحيته تمسّ واسطة راحلته خشوعا، وترقرقت في عينيه الدموع تواضعا وشكرا لله.
إنّ قيمة هذا التواضع في موقف يعدّ أكبر نصر للمسلمين، تتضاعف في النفوس والعقول معا إذا قارناه بمواقف العظمة والجبروت التي أبداها مختلف القادة في مختلف الظروف، عندما حازوا نصرا أقل قيمة من فتح مكة بكثير.
إنّ تواضع الرسول صلّى الله عليه وسلم درس عملي لكل قائد منتصر، وما أصعب الظهور بهذا المظهر ساعة النصر!
٩- العقيدة:
رأيت كيف طوت أم حبيبة رضي الله عنها زوج الرسول صلّى الله عليه وسلم فراش النبي صلّى الله عليه وسلم عن والدها أبي سفيان بن حرب، وقد جاءها من سفر بعيد بعد غياب عنها طويل؛ ذلك لأنها رغبت به عن مشرك نجس ولو كان هذا المشرك أباها الحبيب.
وعندما جاء أبو سفيان مع العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلم ليواجه الرسول صلّى الله عليه وسلم،