لا بدّ للقائد أن يصدر قرارا سريعا صحيحا، ليبني خطته العسكرية استنادا الى قراره هذا، ويعمل بموجب تلك الخطة في إدارة رحى القتال.
فكيف يكون القرار سريعا صحيحا؟
يستند إصدار القرار الصحيح السريع الى عاملين: القابلية العقلية للقائد، والحصول على المعلومات عن العدو وعن الأرض التي ستدور عليها المعركة.
وليس هناك من ينكر القابلية العقلية التي كان يتميّز بها الرسول صلّى الله عليه وسلم، تلك القابلية التي لا يختلف فيها المسلمون وغير المسلمين، فهو الذي بشّر وأنذر وخاطب وناقش عقليات كبيرة ووحّد أمة، فهل يمكن أن يتم ذلك إلا لعقلية راجحة ومنطق سليم؟
أما الحصول على المعلومات عن العدو وعن الأرض، فيكون بوساطة دوريات القتال والاستطلاع وبالعيون والارصاد واستنطاق الأسرى والاستطلاع الشخصي وباستشارة ذوي الرأي.
لقد كان هدف الرسول صلّى الله عليه وسلم من غزواته وسراياه التي أرسلها قبل غزوة (بدر) الكبرى، هو الحصول على المعلومات عن المنطقة المحيطة بالمدينة والطرق المؤدية الى مكة والتعرّف على سكانها، وعقد الأحلاف معهم.
وفي معركة (بدر) الكبرى، أرسل دورية استطلاعية لمراقبة عودة قافلة أبي سفيان بن حرب، وأرسل دوريات استطلاعية أمام قواته المتقدمة باتجاه (بدر) ، وأرسل دوريتي استطلاع قبيل وصول قواته الى (بدر) ، بل قام الرسول صلّى الله عليه وسلم بالاستطلاع الشخصي ليتأكد من قوة قريش والمواضع التي وصلت اليها.