المثالية (فعلا) في أعماله العسكرية ولم يخرج عن تعاليمها أبدا في غزواته ومعاركه.
وفي هذه الخاتمة، سأتطرق الى التطبيق العملي لنظريات الحرب المثالية بصورة موجزة وبشكل لا يدع مجالا للشك، ذلك التطبيق الذي استطاع الرسول صلّى الله عليه وسلم أن ينجزه قبل بضعة عشر قرنا بينما عجز عن تطبيقه العسكريون في القرن العشرين.
ومن السهل جدا أن يسمو الإنسان بتفكيره الى درجة مثالية عالية، ولكنه من الصعب جدا أن يطبّق تلك المثاليات (فعلا) وبخاصة في الأعمال العسكرية التي تتوقف عليها مصائر الأمم والشعوب، لأن حالة الحرب ليست من الحالات الاعتيادية التي يستطيع فيها الإنسان أن يسيطر على أعماله في أغلب الأحيان.
وكم أتمنى أن يقرأ هذا البحث غير المسلمين مهما تبلغ درجة عداوتهم للإسلام ليطمئنوا مع المسلمين مهما تبلغ درجة حبهم للإسلام الى أن أعمال الرسول صلّى الله عليه وسلم العسكرية تنطبق على أرقى وأحدث النظريات العسكرية المثالية وقوانين الحرب والحياد الإنسانية، وليتأكدوا بأنفسهم من الأخطاء الفاحشة التي وقع فيها المتعصبون على الإسلام والمتعصبون للإسلام على حد سواء.
فقد غمز المتعصبون على الإسلام أعمال الرسول صلّى الله عليه وسلم العسكرية، فقالوا:
إن الإسلام دين قتال يعتمد على الحرب في نشر دعوته، وإن حياة الرسول صلّى الله عليه وسلم العسكرية لا تخلو من عدوان؛ ولكنّ هذا الغمز خطأ فاحش لا يدل إلا على جهل مطبق أو تعصب ذميم.
وقد ادّعى بعض المتعصبين للإسلام، أن انتصار الرسول صلّى الله عليه وسلم كان بالخوارق والمعجزات فحسب، ولكنّ هذا الادعاء خطأ فاحش أيضا لا يقل خطورة عن غمز المتعصبين على الإسلام، ولا يدل إلا على جهل بروح الاسلام الصحيح: تلك الروح العملية الواقعية التي ترتكز على الحق الواضح والعقل السليم من جهة وعلى الأمور الروحية من جهة أخرى.