خطة الرسول صلّى الله عليه وسلم في الاستيلاء على حصون يهود المنيعة، كانت تتلخص بمشاغلة بعضها بقوات صغيرة، وتركيز الهجوم على حصن واحد بقواته الرئيسة، حتى يتم له الاستيلاء على الحصن، ثم ينتقل بهجومه المركّز الى حصن آخر.
كما أنه قسّم قواته الى أقسام بالنسبة الى قبائلها وبطونها، وجعل لكل قسم منها قائدا، حتى يشتدّ التنافس بين القوات، ولكي يقوم بعضها بالمشاغلة بينما يأخذ الباقي قسطه من الراحة ليستأنف القتال مرتاحا عند الحاجة.
إنّ هذه الخطة تتفق مع أحدث الخطط العسكرية الحديثة في قتال المدن والأحراش.
ولو أنه قاتل بأسلوب (الكر والفر) ، أو بأسلوب (الصفوف) في مثل هذا الموقف، لما كتب للمسلمين النصر على يهود.
ج- الانسحاب:
يعتبر نجاح خالد بن الوليد رضي الله عنه في انسحابه من (مؤتة) تجاه قوات متفوقة على قوته فواقا ساحقا، يعتبر هذا الانسحاب عملا عسكريا فذّا.
كما أن أسلوب قتال مؤخرة قوات المسلمين كان رائعا حقّا: احتلت جبهة واسعة لتجبر العدو على الانفتاح على جبهة واسعة أيضا، مما يضعف قواته، وأثارت تلك المؤخرة ضجّة عظيمة، مما جعل العدو يعتقد بوجود قوات كبيرة للمسلمين جاءت مددا لهم.
كل ذلك أنقذ قوة القسم الأكبر «١» للمسلمين من التطويق، وسهّل عليهم عملية الانسحاب.
(١) - القسم الأكبر: تعبير عسكري يقصد به القوة الرئيسة التي تعمل مفارز الحماية المتقدمة على حمايته من مباغتة العدو.