وذات أنواط شجرة ضخمة يأتونها في الجاهلية كل سنة للتبرك بها، فيعلّقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوما، ولم يفقه هؤلاء الذين اسلموا حديثا ولم يدخل الايمان في قلوبهم هؤلاء أن جهاد النبي صلّى الله عليه وسلم كله كان لغرض واحد: هو القضاء على الشرك وإعداء كلمة التوحيد.
بل كان قسم من هؤلاء يحملون أزلامهم معهم.
لذلك فقد سرّهم انهزام المسلمين، بل أظهروا شماتتهم وشجعوا عليه.
ب- إن من أسباب هزيمة المسلمين في الصفحة الأولى من يوم حنين، هو وجود هؤلاء المسلمين من قريش الذين لم تطمئن قلوبهم للإسلام بعد، فانهزموا أول المنهزمين وأشاعوا الذعر في النفوس وأثروا في المعنويات.
وليس هناك في الحرب أصعب من السيطرة على الانسحاب، فعندما تنسحب قطعة من القطعات وتراها القوات الأخرى، فإن القوات كلها تنسحب معقبة تلك القطعة المنسحبة بدون تفكير ولا شعور، وهذا ما حصل أول يوم حنين، إذ سيطر على المسلمين المنهزمين تفكير القطيع من الغنم، إذا فعل أحدها شيئا اقتفت بقية القطيع أثره وفعلت فعله.
ج- إن انتصار المسلمين لم يكن لكثرتهم في أي معركة خاضوها، بل كان انتصارهم لعقيدتهم الراسخة، وأكبر درس يمكننا استنتاجه من معركة حنين، هو إخفاق المسلمين على كثرتهم في مستهل المعركة لوجود بعض ذوي العقائد الواهنة بين صفوفهم، بالإضافة الى الأسباب الأخرى.
أما انتصار المسلمين في حنين بعد ذلك فكان بثبات ذوي العقائد الراسخة وقيامهم بالهجوم المضاد، فانتصروا على الرغم من قلّتهم، فقد كانوا مائة رجل كما ذكرت بعض المصادر ولا يتجاوزون المئات كما نصّت عليه بعض المصادر الأخرى ...