للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستطاعت إن توحّد شبه الجزيرة العربية كلها؛ فكانت غزوة (تبوك) نهاية جهاد النبي صلّى الله عليه وسلم في توحيد شبه الجزيرة العربية، تحت راية الإسلام.

إن حياة النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم في المدينة المنورة كانت مكرّسة للجهاد من أجل التوحيد.

وكانت حياة خلفائه الراشدين رضي الله عنهم من بعده تطبيقا عمليا لأهداف النبي صلّى الله عليه وسلم التي نذر لها حياته الكريمة: جهاد من أجل التوحيد، وتوحيد من أجل الجهاد.

كانت حروب الردّة في أيام الصديق أبي بكر رضي الله عنه حروبا لإعادة وحدة شبه الجزيرة العربية تحت لواء الإسلام، وحين عادت وحدة العرب بعد انتصار المسلمين على المرتدين أصبحوا قوة هائلة، وجدت لها (متنفسا) في الفتح، فخفقت رايات العرب المسلمين من الصين شرقا الى حدود سيبريا شمالا، الى فرنسا غربا، الى المحيط الهندي جنوبا.

وكان من فضل الإسلام على العرب، أنه وحّد صفوفهم، وجمع كلمتهم، ووجّههم للفتح، فكان الإسلام بحق عقيدة منشئة بناءة ذاد عنها حماة قادرون، هم العرب الموحدون الذين أصبحوا بفضل وحدتهم وتوحيدهم قوة جبارة، ولن يعيدوا سيرتهم الأولى بغير الوحدة والتوحيد.

واليوم فإن الوحدة العربية هدف حتمي، يستمد مقوماته من وحدة (اللغة) التي هي قوام الثقافة والفكر، ووحدة (التاريخ) التي تصنع الوجدان والضمير ووحدة (الجهاد) الشعبي الذي يقرر ويحدد المصير، ووحدة (القيم) الروحية النابعة من رسالات السماء! فلمصلحة من تبقى السدود والقيود بين البلاد العربية؟ ألمصلحة الشعب العربي، وهو شعب واحد في تفرقه الوهن وفي اتحاده القوة؟ أم لمصلحة المسلمين بكل مكان، والعرب إذا اتحدوا يعيدون لهم سابق عزهم

<<  <   >  >>