للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يهود بني النضير وقل لهم: إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلادي! لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر بي. لقد أجّلتكم عشرا، فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه) ...

لم يجد يهود مناصا من الخروج، فأخذوا يتجهّزون للرحيل، إلا أن منافقي المدينة وعلى رأسهم عبد الله بن أبيّ أرسلوا إليهم: (أن اثبتوا ونحن ننصركم على محمد وصحبه) ...

عند ذاك عادت لليهود ثقتهم بأنفسهم، واستقرّ رأيهم على القتال، وبعثوا للنبي صلّى الله عليه وسلم من يقول له: (لن نخرج، فافعل ما بدا لك) ! ... ثم احتموا بحصونهم ونقلوا الحجارة الى شوارعهم وأقاموا منها متاريس وخنادق للاحتماء وراءها في القتال، وكدّسوا أرزاقا تكفيهم لمدة سنة في حالة حصارهم؛ وكان الماء متيسرا لديهم باستمرار.

تحرّك المسلمون بقيادة الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام الى ديار بني النضير، فحاصروهم عشرين ليلة، كانوا أثناءها يحتلون شارعا بعد شارع ودارا بعد دار نتيجة لقتال الشوارع والمدن.

ولما رأى الرسول صلّى الله عليه وسلم إصرار يهود على القتال مستفيدين من حصونهم القوية، أمر أصحابه أن يقطعوا نخل يهود وأن يحرقوه «١» ، حتى لا تبقى يهود حريصة على القتال طمعا في المحافظة على أموالها.


(١) - راجع قانون الحرب والحياة من القانون الدولي. الاحتلال الحربي: دخول قوات الدولة المحاربة إقليم العدو ووضعها هذا الاقليم تحت سيطرتها الفعلية، والدولة بهذا الإجراء تنقل ميدان القتال الى أرض العدو، والعدو يتحمل- نتيجة لهذا الاحتلال- كل أضرار الحرب المادية وما يترتب على قصف القنابل من خسائر أو تستلزمه الاجراءات العسكرية من إتلاف مزارع أو نسف جسور، وهو الذي يتحمل فوق هذا الاضرار المالية الجسيمة التي تترتب على قيام الحرب في إقليمه، فأرضه الداخلة في ميدان القتال يتعطل زرعها، ومبانيه واملاكه وتجارته يتعطل استغلالها، أضف الى كل ذلك ما تملكه الدولة المحاربة من حقوق مالية في الارض المحتلة من بينها حقها في أن تفرض الضرائب فيها وأن تلزم سكانها بدفع الاعانات الجبرية، وان تستولي منهم على ما تحتاج اليه لجيوش الاحتلال.

<<  <   >  >>