وأرسل رجلا من خذاعة ليستطلع له أمر قريش، فلما وصل (عسفان)«١» على بعد مرحلتين من شمال مكة عاد الخزاعي وأخبر المسلمين أنّ قريشا وقسما من حلفائها قد أجمعوا أمرهم على قتالهم ليصدوهم عن زيارة البيت الحرام.
استشار النبي صلّى الله عليه وسلم أصحابه، فكان القرار النهائي: أن هدفهم من غزوتهم هذه هو زيارة البيت، ولن يقاتلوا إلا إذا صدتهم قريش عن هدفهم بالقوّة.
ولكنهم رأوا خيل المشركين على مرمى النظر قريبا من (عسفان) ، فأمر الرسول صلّى الله عليه وسلم أصحابه بالحركة على طريق فرعية غربي الطريق العام، وكانت طريقا وعرة قطعها المسلمون بصعوبة، فتخلصوا بذلك من الاصطدام بالمشركين، حتى وصلوا (الحديبية) على بعد ثلاثة أميال شمال مكة، وعسكروا هناك.
ب- المشركون:
بلغ قريشا أمر حركة المسلمين، فخافوا أن يكون إدعاء المسلمين بأنهم جاءوا معتمرين لا مقاتلين حيلة حربية يقصد المسلمون من ورائها مباغتتهم والقضاء عليهم، فعقدوا لخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل على مائتي فارس مع قسم من المشاة، وتقدّم هذا الجيش ليحول بين الرسول صلّى الله عليه وسلم ومكة، ولكنّ فرسان قريش بوغتوا بانحراف المسلمين الى الطريق الفرعية وتملّصهم من الاصطدام بهم، فعادت قوات المشركين أدراجها لتدافع عن مكة قبل أن يصلها المسلمون.
وجاء بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة الى قريش وأخبرهم أن محمدا جاء زائرا ولا يريد حربا، ولكنّ قريشا أجابت:(إن كان جاء لا يريد قتالا، فو الله لا يدخل علينا عنوة أبدا ولا تتحدّث بذلك عنا العرب) ...
(١) - عسفان: قرية أو منهلة بين المدينة ومكة على مرحلتين من مكة.