للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن ينالوا بهذه الهدنة الاستقرار ليتفرغوا لتجارتهم، وهذا أهم هدف حيوي بالنسبة لقريش.

فماذا كانت النتيجة؟

وفد أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية من مكة الى المدينة مسلما بغير رأي مولاه وهو ثقفي حليف لبني زهرة، فكتب أزهر بن عوف والأخنس بن شريق الى النبي صلّى الله عليه وسلم كي يرده، وبعثا بكتابهما مع رجل من بني عامر ومعه مولى لهما.

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (يا أبا بصير! إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق الى قومك) ...

قال أبو بصير: (يا رسول الله! أتردّني الى المشركين يفتنونني في ديني) ؟

فكرّر الرسول صلّى الله عليه وسلم عليه قوله الأول.

انطلق أبو بصير مع الرجلين، حتى اذا كان بذي الحليفة «١» ، سأل حارسه العامري أن يريه سيفه، وما أن استوت قبضته في يده حتى علا به العامري، فقتله؛ فعاد المولى يعدو ناحية المدينة، حتى أتى النبي صلّى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: (قتل صاحبي) ! ثم ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف موجها الحديث الى الرسول صلّى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! وفت ذمتك وأدّى الله عنك. أسلمتني الى القوم وقد امتنعت بديني أن أفتن فيه أو يعبث بي) .

لم يخف الرسول صلّى الله عليه وسلم إعجابه به وتمنيه لو كان معه رجال، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه عن أبي بصير: (ويل أمه! مسعر حرب لو كان معه رجال) !


(١) - ذو الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أو سبعة أميال، وهي ميقات أهل المدينة الذي يحرمون عنده للحج.

<<  <   >  >>