للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتناول الراية جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه واندفع بها فأصيبت يده اليمنى، فتناول الراية بشماله فقطعت أيضا، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد.

وأخذ عبد الله بن رواحة الراية، فقاتل بها حتى قتل أيضا.

وتناول الراية ثابت بن أقرم البلوي، فهتف بالمسلمين: (يا قوم اصطلحوا على رجل منكم) ...

واصطلح الناس على خالد بن الوليد رضي الله عنه.

ج- الانسحاب «١» :

قرّر خالد بن الوليد رضي الله عنه الانسحاب من هذه المعركة لانقاذ قوات المسلمين من المأزق الحرج الذي وقعوا فيه، واستفاد من حلول الظلام، فأعاد تنظيم قواته وألّف مؤخرة قوية لحماية الانسحاب.

قامت مؤخرة المسلمين بقتال التعويق لإحباط مطاردة العدو للمسلمين وإنقاذ القسم الأكبر من قوات المسلمين من التطويق الذي يعقبه الفناء، وقد انتشرت مؤخرة المسلمين في جبهة واسعة وأحدثت ضجة عالية لإيهام العدو بقدوم إمدادات جديدة للمسلمين، ولحرمان العدو من معرفة انسحاب قوات المسلمين حتى لا يطاردها العدو فيكبدها خسائر فادحة، وبذلك استطاعت هذه المؤخرة النجاح في مهمتها، فلم يتكبد المسلمون في انسحابهم خسائر تذكر على الرغم من أن حركة الانسحاب من أصعب الحركات العسكرية، لاحتمال انقلاب الانسحاب إلى هزيمة، والهزيمة كارثة تؤدي إلى خسائر فادحة بالمنهزمين «٢» .


(١) - الانسحاب: تعبير عسكري يقصد به التملص من القتال بالحركة الى الخلف انتظارا لظروف مناسبة لاستئناف التعرض.
(٢) - مما يذكر أن قادة الالمان كانوا يدرسون خطة انسحاب خالد بن الوليد هذه، ولهم دراسات مفصلة عن هذه الخطة، وعلى رأسها دراسة مولتكه وشليغن عن هذه الخطة.

<<  <   >  >>