للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمؤمن حقا يقاوم الاستعمار الفكري ويصاول الغزو الحضاري لأن له من مقومات دينه وتراث حضارته، ما يصونه من تيارات المبادىء الوافدة التي تذيب شخصيته وتمحو آثاره من الوجود.

والمؤمن حقا لا يقنط أبدا ولا ييأس من نصر الله ورحمته: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) «١» ، وقال تعالى: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) «٢» ، وقال تعالى: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) «٣» ، وقال تعالى: (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) «٤» .

٥ ولكن القول بأن الحوافز الروحية وحدها هي التي تؤجج إرادة القتال في المؤمن الحق، لا يغني عن كل قول.

والواقع أن في الاسلام حوافز (مادية) لا تقل أهمية عن الحوافز (الروحية) تعمل جنبا لجنب لترصين ارادة القتال، في نفوس المسلمين وعقولهم معا.

ومن أهم الحوافز المادية: عدم الاستهانة بالعدو أولا، والإعداد الحربي تدريبا وتسليحا وتنظيما وتجهيزا وقيادة ثانيا.

لقد استهان المسلمون بعدوهم يوم (حنين) . فغلبوا على أمرهم في الصفحة الأولى من صفحات ذلك اليوم العصيب: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ، فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً، وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) «٥» .


(١) - الآية الكريمة من سورة الزمر ٣٩: ٥٣.
(٢) - الآية الكريمة من سورة الحجر ٤٥: ٥٦.
(٣) - الآية الكريمة من سورة الروم ٣٠: ٣٦.
(٤) - الآية الكريمة من سورة فصلت ٤١: ٤٩.
(٥) - الآية الكريمة من سورة التوبة ٩: ٢٥.

<<  <   >  >>