للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل يلاحظ من تلك الآيات الكريمة، أن المال يقدّم على الأنفس دائما، مما يدلّ على اهتمام الإسلام بالأمور الإدارية.

ويقول القرآن الكريم عن الخيل: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) «١» ... ويقول: (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) «٢» ...

ويقول القرآن الكريم في الحديد الذي يعمل منه السلاح: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) «٣» .

لقد أنفق المسلمون الأولون أموالهم في سبيل الله: مات الرسول صلّى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير، وأنفق أبو بكر الصديق رضي الله عنه جميع ماله في سبيل الله وكان يوم أسلم من أغنياء قريش المعدودين، فمات متخللا بعباءته. وأنفق عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف ماله، كما جهز عثمان ابن عفان رضي الله عنه جيش العسرة في غزوة (تبوك) بالإضافة الى الأموال الطائلة التي أنفقها على غيرها من الغزوات. أما آل محمد صلّى الله عليه وسلم فقد روى الحسن عنهم قال: (خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: (والله ما أمسى في آل محمد صاع من طعام وإنها لتسعة أبيات) . والله ما قالها استقلالا، ولكن أراد أن تتأسى به أمته) !

لقد أتعب الرسول صلّى الله عليه وسلم وأصحابه من يريد التأسي بهم من المسلمين بعدهم.

لقد ضحّوا بكل شيء حتى بأبسط ضروريات الحياة في سبيل الله والمصلحة العامة قبل أربعة عشر قرنا، فأين منها تضحيات زعماء الشرق والغرب في القرن العشرين، أولئك الذين يتاجرون بالدفاع عن الفقير والعامل والفلاح بالظاهر


(١) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦٠.
(٢) - الآيات الكريمات من سورة العاديات ١٠٠: ١- ٥.
(٣) - الآية الكريمة من سورة الحديد ٥٧: ٢٥.

<<  <   >  >>