للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل كان الرسول صلّى الله عليه وسلم يبذل كل جهده لتحقيق أهدافه السلمية، حتى لو أدّى ذلك الى تذمر قسم من أصحابه، كما حدث في غزوة (الحديبية) .

إن السلام يضمن الاستقرار، وقد انتشر الإسلام في فترة صلح (الحديبية) - وهي فترة سلام- انتشارا عظيما بين الناس لم ينتشره في أيام الحرب، بل إن انتشاره في أيام السلام كان أضعافا مضاعفة لانتشاره في أيام القتال.

إن الجنوح الى السلم دين: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) «١» ، فلا عجب إذا رأينا الرسول صلّى الله عليه وسلم يقبل بل يشجّع كل العروض السلمية التي تقدّم بها أعداؤه في كل مكان وزمان.

إن السلم في الإسلام هي القاعدة الثابتة، والحرب هي الاستثناء.

ولكنّ الإسلام يدعو للسلام لا للاستسلام: يسالم من يسالمه ويعادي من يعاديه، ولكنه لا يعتدي على أحد ولا يظلم أحدا، ولا يرتضي للمسلمين الظلم والعدوان.

ج- حرب إنسانية:

أولا- احترام الأبرياء:

لم يتعرّض الرسول صلّى الله عليه وسلم بغير المقاتلين في غزواته، وحرص على صيانة واحترام أرواح وأموال الأبرياء.

لما استسلم بنو قريظة، قتل المسلمون الرجال الذين قاتلوهم (فعلا) ، لأنهم خانوا عهودهم وعرّضوا المسلمين للفناء. أما الأطفال والنساء من بني قريظة فلم يصابوا بأذى، كما أن الذين ثبتوا على عهودهم من يهود لم يصابوا بسوء أيضا.

والمرأة الوحيدة التي قتلت من بني قريظة، هي التي قتلت مسلما بقذفه


(١) - الآية الكريمة من سورة الأنفال ٨: ٦١.

<<  <   >  >>