للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قومك بأمر عظيم فرّقت به جماعتهم؛ فاسمع مني أعرض عليك أمورا لعلك تقبل بعضها. إن كنت إنما تريد بهذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سوّدناك علينا فلا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا) . ولكن الرسول صلّى الله عليه وسلم لم يكترث بكل هذا الاغراء.

واشتدت عدواة قريش، وعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم له فقال للنبي صلّى الله عليه وسلم: (ابق على نفسك وعليّ، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق) .

قال الرسول صلّى الله عليه وسلم: (يا عماه! والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته) .

لقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلم يردد دائما قوله تعالى: (قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) «١» . ولم يترفع أبدا عن الفقراء والضعفاء والمساكين والخدم، وسيرته في كل ذلك مضرب الأمثال.

إن حماية حرية نشر العقيدة هي التي أثارت الحرب في الإسلام، ولم يكن من أسباب إثارتها الأغراض الشخصية من بعيد أو قريب.

ب- حرب لا عنصرية:

ليس الإسلام دينا لقبيلة دون قبيلة، ولا لأمة دون أمة، ولا للعرب دون العجم. ولكنه للناس جميعا، للعالمين! ... (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) «٢» ، فالإسلام يعمل لفكرة جليلة، فكرة وحدة الإنسانية تحت لواء الإسلام.

إنه دين يقاوم العصبية والتعصب، ويكافح العناصر والأجناس، لأنه يريد أن يجمع العالم كله على صعيد واحد: لتوحيد كلمتهم وتوحيد الله.


(١) - الآية الكريمة من سورة الكهف ١٨: ١١٠، وسورة فصلت ٤١: ٦.
(٢) - الآية الكريمة من سورة الأعراف ٧: ١٥٨.

<<  <   >  >>