للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأغنياء (حوالي دينارين ونصف دينار عراقي أو عشرين ليرة سورية أو لبنانية أو ٢٤٠ قرشا مصريا) .

وأوسطها وهو (٢٤) درهما في السنة على المتوسطين من تجار وزراع.

وأدناها وهو (١٢) درهما في السنة على العمال المحترفين الذين يجدون عملا.

وهذا مبلغ لا يكاد يذكر بجانب ما يدفعه المسلم نفسه من زكاة ماله وهو بنسبة اثنين ونصف في المائة القدر الشرعي لفريضة الزكاة.

إن إسقاط الجزية عن الفقير والصبي والمرأة والراهب والمنقطع للعبادة والأعمى والمقعد وذوي العاهات أكبر دليل على أن الجزية يراعى فيها قدرة المكلفين على دفعها، كما أن تقسيمها الى ثلاث فئات دليل على مراعاة رفع الحرج والمشقة في تحصيلها، وقد جاء في عهد خالد لصاحب (قس الناطف) :

(إني عاهدتكم على الجزية والمنعة على كل ذي يد: القوي على قدر قوته، والمقل على قدر إقلاله) .

ليس ذلك فحسب، بل أعفى الإسلام دافع الجزية من الخدمة في الجيش.

والذمي الذي يقبل التطوع في الجيش الإسلامي تسقط عنه الجزية، وهذا معناه أن الجزية تشابه البدل النقدي للخدمة العسكرية في عصرنا الحاضر.

كما ضمن الإسلام إعالة البائسين والمحتاجين من الذميين. جاء بعهد خالد بن الوليد لأهل الحيرة: (وأيما شخص ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وأعيل من بيت مال المسلمين وعياله) .

إن فرض الجزية لا يحمل معنى الامتهان والإذلال، ومعنى (صاغرون) في آية الجزية: (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) «١» ، هو الخضوع، إذ من معاني الصغار في اللغة الخضوع، ومنه أطلق (الصغير) على الطفل لأنه


(١) - الآية الكريمة من سورة التوبة ٩: ٢٩.

<<  <   >  >>