للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتكلم العباس وتكلم بعده الرسول صلّى الله عليه وسلم وتلا القرآن ورغّب في الاسلام، ثم قال: (أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم) فبايعوه على ذلك وهم يقولون: (لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا «١» ، فبايعنا يا رسول الله، فو الله نحن أبناء الحروب، وأهل الحلقة «٢» ورثناها كابرا عن كابر) .

وأمرهم الرسول صلّى الله عليه وسلم أن يخرجوا اثني عشر نقيبا «٣» يكونون على قومهم، فأخرجوا منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس ... وبذلك بدأ الرسول صلّى الله عليه وسلم بتنظيم أتباعه خارج مكة المكرمة.

واستمع أحد المشركين- وهو يتجوّل مصادفة بين مضارب الخيام ومنازل الحجيج- ما دار في هذا الاجتماع، فصرخ ينذر أهل مكة: إن محمدا والصبّاء «٤» معه قد اجتمعوا على حربكم.

لم يكترث المبايعون بانكشاف أمرهم، بل أرادوا مهاجمة قريش بأسيافهم، ولكنّ الرسول صلّى الله عليه وسلم أمرهم بالعودة الى رحالهم ... لأن الله سبحانه وتعالى لم يأذن لهم بالقتال بعد ...

فلما أصبحوا جاءهم رجالات قريش فقالوا: (يا معشر الخزرج! إنه قد بلغنا أنكم جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حيّ من العرب أبغض إلينا من أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم) .


(١) - أزرنا: يعني نساءنا، والمرأة يكنى عنها بالإزار.
(٢) - الحلقة: السلاح عامة، والدروع خاصة.
(٣) - النقيب: كبير القوم المعنيّ بشؤونهم. وفي التنزيل العزيز: (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) .
(٤) - الصبّاء: من يتركون دينهم ويدينون بآخر.

<<  <   >  >>