نظّم بها الحياة الاقتصادية، فالفقير يجد معاونة من الغني في معيشته وفك ديونه وتحمّل فدائه وديّته.
ونظّم بها الحياة الاجتماعية، فالجار له حرمة من جاره، وسكان المدينة المنورة آمنون فيها من القتل والاغتيال والغدر، ولكل دينه الذي هو عليه، والمجرم ينال عقابه على جرمه دون أن يحول دون تنفيذ العقاب عليه حائل، وليس هناك ما يفرّق بين الصفوف من دين أو أغراض أخرى.
هاتان الناحيتان: الاقتصادية والاجتماعية، واضحتان ومفهومتان في هذه المعاهدة، وإنما يهمنا الناحية العسكرية فيها بالدرجة الأولى.
لقد نصّت المعاهدة على قيادة محمد صلّى الله عليه وسلم لسكان المدينة المنورة كافة: مسلمين ومشركين ويهود. فإليه يرجع الأمر كله، وله أن يحكم في كل اختلاف يقع بين السكان، وبذلك أصبح النبي صلّى الله عليه وسلم (قائدا) في المدينة المنورة.
كما نصّت المعاهدة على تعاون أهل المدينة في ردّ كل اعتداء يقع عليها من الخارج، وبذلك توحّدت صفوف أهل المدينة وأصبح لهم هدف، هي الدفاع عن المدينة ضد كل اعتداء خارجي.
- اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. وإن (يثرب) حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة. وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم. وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها. وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث او اشتجار يخاف فساده، فان مرده الى الله والى محمد رسول الله. وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة، وأبره، وانه لا تجار قريش ولا من نصرها، وإن بينهم النصر على من دهم (يثرب) ، وإذا دعوا الى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه. وإنهم إذا دعوا الى مثل ذلك فان لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين، على كل أناس حصّتهم من جانبهم الذي قبلهم. وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة. وإن البر دون الاثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه. وإن الله أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وإن من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم وإن الله جار لمن برّ واتقى.