تبين من خلال الدراسة السابقة, وقد عرفت أنهم أخذوا ينبشون عن أمجادهم السابقة علَّهم يجدون الخلاص, فكان ذلك الخلاص هو العودة إلى الديمقراطية القديمة التي أماتها رجال الدين النصراني حينما كانت الغلبة لهم, فكان أن استبدلوا بجاهليتهم القديمة جاهليتهم الحاضرة, وتحت هذه الدعوى الخيالية -حكم الشعب نفسه بنفسه- بدءوا يرتِّبون لترقيتها وتطويرها, حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم, بل واجتذبت إلى صفوفها أعداد غفيرة, بعضهم ما كان في حاجة إلى السير في ركابها كما كان الأوربيون في حاجة إليها حقيقة, وأنَّ الأوربيين بدءوا في تنظيم حياتهم من نقطة الصفر, كلما حققوا مكسبًا تطلعوا إلى غيره, ولا يأخذونه إلّا بعد جهاد مرير, وتلك المكاسب استخرجوها بقوتهم لم تمنحهم إياها الديمقراطية ابتداءً كما يتصور البعض أن الديمقراطية مذهب نشأ في صورته الحالية, وأنه لا ينقصه إلّا التطبيق, ومهما كان الأمر, فإن ما وصلت إليه الشعوب الأوربية رغم نقصه يعتبر نصرًا مؤزرًا لهم, وفاتحة طيبة للخلاص من حكم الإقطاع والبابوات الظالمين, وبعض الشر أهون من بعض كما تقدَّم ذكره, وما تقدَّم يمكن أن يعتبر جانبًا إيجابيًّا في الديمقراطية بالنسبة للغرب, رغم ما فيه من سلبيات.
أما بالنسبة للجانب السلبي منها:
فقد تبيَّن من خلال الدراسة السابقة أن الديمقراطية تحمل في ظاهرها بريقًا خلابًا, ولكن في حقيقتها هي عكس ذلك.
١- أما بالنسبة لموقف السلطة وأصحاب الجاه والثراء فقد اتضح أن هؤلاء