كان أحدهم لا يشبع وجاره جائع, ولا يشرب وصاحبه ظمآن, كانوا كلهم أمناء لا يقربون الغش, صادقين لا يتعمَّدون الكذب, رحماء يرجون رحمة الله تعالى, أوفياء في أقوالهم وفي أفعالهم, الضعيف فيهم قوي حتى يأخذ حقه, والقوي ضعيف حتى يؤخذ منه الحق, والمظلوم كلهم أنصاره حتى ينتصف ممن ظلمه, كانوا يطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا, لا يريدون من أحد جزاءً ولا شكورًا, وإنما يريدون مغفرة الله تعالى ورضوانه.
إن دعاة الإنسانية اليوم هم أقلّ وأذلّ من أن يوحِّدوا القلوب ويؤلفوا بينها في سعادة كالتي عاشها المسملون, بل شبه تلك الحياة؛ لأن أولئك كانوا يهتدون بهدى الله تعالى, وهؤلاء قد اتخذوا الشياطين أولياء لهم, أهدافهم خبيثة استعمارية, ووسائلهم قذرة قائمة على الاستمتاع بكل أنواع الفجور, والاستهتار بكل القيم, وجحود برب العالمين الذي تشهد كل ذرة من ذرات هذا الكون بوجود وخلقه وقهره, ومصيرهم إليه في يوم تشخص فيه الأبصار.
وعلى المسلم أن يكون يقظًا مبتعدًا عن معضلات الفتن ودعاة جهنم, وأن لا يصغي إلى هذا التيارات التي يموج بها العالم, فهي ضلالات مدمرة لكل تراث الإنسانية؛ في دينهم, ودنياهم, وآخرتهم.