للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١- تعمل على تقويض المجتمعات وهدم الأمل والخلق والغيرة ومعارضة الشجاعة والتضحية١.

إن الوجودية فوضوية بكل ما تحمله الفوضوية من معانٍ آخذة من دعوى الحرية الشخصية ستارًا, مع أنَّ هذه الدعوى تعادل بالتعبير الصحيح الفوضى, وليست الحرية التي يفهمها العقلاء، وإنما هي حرية حيوانات لا حدَّ لجماحها ونزواتها, حرية انحطاط وتخلف شائن واستعباد للشهوات دون أدنى تمييز أو تفكير, فإن من تأمَّل مذهب الوجودية سيتضح له تمامًا أنها تدعو إلى الحياة البهيمية, وأن يعيش الإنسان مكبًّا على وجهه لا يرتبط بأية فضيلة أو سلوك, بعيدًا عن تكريم الله للإنسان ورفعه فوق كثير من الخلق, وهي دعوى إلى عبادة الإنسان لنفسه وهواه، وقد قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} ٢.

وفي حديث يرويه حذيفة أن عمر -رضي الله عنه- قال لجلسائه: "أيكم سمع قول رسول -صلى الله عليه وسلم- في الفتن التي تموج موج البحر، فسكت القوم, وظننت أنه إياي يريد. قلت: أنا سمعته. قال: أنت سمعته!! قال: "أنت لله أبوك. قال: قلت: "تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير, فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء, ونِصْفُ قلبٍ


١ الاتجاهات الفكرية المعاصرة ص٨٠-٨١, نقلًا عن "الإسلام والدعوات الهدامة" لأنور الجندي ص١٩٤.
٢ سورة الجاثية، الآية: ٢٣.

<<  <   >  >>