وقد جرَّبه المسلمون حينما كانوا يطبِّقونه قولًا وفعلًا، فكانوا سادة العالم, والمنقذين للبشرية من الجهل والخرافات والظلم, والتوجه الحقّ لعبادة فاطر السماوات والأرض, ونبذ عبادة من عداه، ولهذا ولغيره فإنَّه لا يوجد أدنى مبرر لأيّ مسلم أن يعرض عنه, ويتخذ العلمانية اللادينية الجاهلية عقيدة ومنهجًا له إلّا من سَفِهَ نفسه، ومن المؤسف أن يتكاثر السفهاء ممن ينتمون إلى الإسلام للتهافت على موائد العلمانية القذرة, وأن يزجُّوا بأنفسهم في الظلمات بعد أن وصلوا إلى النور, وأن ينحدروا إلى الهاوية بعد أن وصوا إلى قمَّة الأمان، وكأنهم لم يسمعوا بأنين أصحاب الحضارات الجاهلية, والظلم الفادح الذي يتجرَّعون غصصه, والخوف الشديد الذي يعيشونه, فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا, وكأنهم لم ينتفعوا بما جرَّبه غيرهم من طلب العزِّ بغير الإسلام, وما وصولوا إليه من الذل والحقارة.
ومن كمال الإسلام أنه لم يدع أي أمر يحتاج الناس إليه إلّا وبيَّنَه أتمَّ بيان وأوضح حكم, سواء أكان ذلك في الاعتقادات أو في المعاملات, ويطول الكلام لو أردنا أن نستقصي أمثلة ذلك، بل يحتاج إلى دراسة خاصة، كما يلاحظ القارئ الكريم من خلال جهود علماء المسلمين قديمًا وحديثًا في بيانهم لكل ذلك على هدى من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم, تجد ذلك الشمول في الإسلام لجميع جوانب الحياة عقيدةً وسلوكًا في كلِّ ما يتعلق بحياة الناس الدينية والدنيوية، وعلى سبيل المثال, انظر بيانه للشرك وأقسامه، والتوحيد وأقسامه، وتثبيت المراقبة الذاتية في قلب كل مسلم، والحثّ على الإخلاص