للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعتبرون الدعوى إلى الدين دعوى ناقصة عن تحقيق طموحات القوميين, بل إنها رجعية في نظرهم, ويجب فصله عن الدولة أيضًا انسياقًا مع مفاهيم الحركات الأوربية التي قامت في البداية على القومية وحرب الدين, بل وصل طمع دعاة القومية أن تكون بديلًا عن النبوات, وأنَّ نبوة القومية يجب أن يبذل لها كل غالٍ ورخيص, وأن يكون الإيمان بها أقوى من كل الروابط, وجعلوها في الكفة الأخرى مع الإيمان بالله تعالى, وأنها يجب أن تكون هي الديانة لكل عربي, وأخذوا يتباكون على مصير العرب حينما لا يتم تحقيق هذا الدين الجديد الذي سيخلص العرب من كل سيطرة أجنبية, ويرفعون رءوسهم عالية أمام كل أجنبي -ليس بعربي "بزعمهم", ولا ريب أنها دعوات جاهلية ليس وراءها إلّا الخراب, سواء أكانت الدعوة إلى القومية أو إلى الوطنية، فلا عزة للعرب ولا استرجاع لحقوقهم إلّا بالتمسك بالدين الحنيف.

إن القومية والوطنية كلتاهما نعرتان جاهليتان خرجتا من أوروبا الجاهلية, وفي هذا يقول فرنارد لويس: "فاللبرالية والفاشية والوطنية والقومية والشعوبية والاشتراكية كلها أوروبية الأصل مهما أقْلَمَها وعدَّلَها أتابعها في الشرق الأوسط"١ أحلَّها القوميون والوطنيون محل الدين, ورأوا أن الاجتماع عليها خير وأنفع من الاجتماع على الدين, وذلك للاختلاف الواضح بين الناس في قضية التدين -حسب زعمهم, بخلاف القومية والوطنية


١ العرب والشرق الأوسط, تعريب د. نبيل صبحي, ص١٧٩, عن فكرة القومية, صالح العبود ص٣٦٥.

<<  <   >  >>