للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تؤلف بين قلوبهم وتجعلهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

وكانت دعوة القومية كعملة ذات وجهين: الوجه الأول منها هو تلك الصورة الوردية والحلم السعيد, والوجه الآخر هو ذلك الباب الذي ظاهره من قِبَلِه العذاب, والذي صُمِّمَ لتفريق وتشتيت الداخلين فيه تلقائيًا, وقد تمثَّل نشاط النصارى في الإرساليات التبشيرية والاستشراقية, وفي إقامة نقاط التواصل القوي والتخطيط المشترك بين النصارى المنبثِّين في المجتمعات الإسلامية وبين النصارى الخارجين عنهم, مستخدمين تلك الأساليب والوسائل التي تقدَّمت دراستها, والنصارة على يقين من أن القومية لو انتصرت فإنَّ انتصارها سيكون نصرًا لكلّ نصراني في بلاد العرب, فهي قوة في حقيقتها لهم حيث يكن شأنهم مثل شأن كل المسلمين وكل أصحاب الأديان؛ لأن الرابط الجديد: القومية والوطنية, تعطيهم هذا الحق الذي لا يمنعه إلّا الدين؛ إذ لا يجتمع الحق والباطل, وقد تأكَّد لدى كل نصراني أن إحلال القومية محل الدين هو السبيل لاستحمار المسلمين واستعمارهم, ومن هنا نجد أن نصارى العرب كانوا الجواسيس الناصحين للنصرانية الغربية, ومن أوفى المؤازرين لها, ومن أكثر الناس نشاطًا وأكثرهم اجتماعات ومؤمرات ومؤتمرات لدراسة كل الوسائل التي يستفيدون منها لإبعاد الإسلام وإحلال القومية محله.

<<  <   >  >>