وبالتالي يقال لهم: كيف تجمَّع أهل سويسرا واتحدوا مع أنهم يتكلمون ثلاث لغات ددون تمييز بينها١؟ وكثير من الأمم على هذا النحو لم يكن للغة أيّ تأثير في سير حياتهم وانتماءاتهم, وإنما هي لإتمام مصالحهم الدنيوية.
ب- وأما التاريخ:
فإن التاريخ مراحل تمرّ بها البشرية تشتمل على صعودٍ وانحدارٍ على خير وشر, وتقدُّم وتأخُّر في جميع نواحي الحياة, ويحوي كذلك اختلافات كثيرة, أما بالنسبة للمسلمين فإنّ تاريخهم الحقيقي المشرق إنما يبدأ بظهور الإسلام, يحنِّون إليه خلفًا عن سلف, إلّا من أفسدت الحضارة الأوربية فطرته منهم حين يحنّ إلى الحضارات الجاهلية السابقة, ويتباكى عليها ويفتخر بها, ويودّ بجدع الأنف لو عاد عهدها, وهي حضارات قديمة عاشها أهلها بخيرها وشرها, ولم يعد لها في حياتنا الإسلامية أيّ أثر, وبالتالي تكون المناداة بإقامة القومية على تلك الحضارات إمّا بسبب الجهل المطبق, وإما لأغراض أخرى, وفي أولها الانفلات من الشريعة الإسلامية وربط المسلمين بالغرب أو بالشرق بعيدًا عن كتاب ربهم وسنة نبيهم؛
لأن هؤلاء الدعاة قد تشبَّعوا بثقافات تاريخ تلك الأمم المعادية للإسلام, فلا يعرفون بعد ذلك مسلكًا إلّا الانضواء تحت تلك الرايات الجاهلية, وكل إناء بما فيه ينضح.