وهو مصدر هامّ من مصادر قيام القوميات, ومحاولة من جملة المحاولات لتشجيع القومية وقيامها على البعد عن الدين, وأن أوروبا لم يمكنها التخلّص من الجهل والحال الذي هم فيه -حسب زعمهم- إلّا بإعلان الحرب على الدين ومن يمثله, بدعوى أن الذي جرَّهم إلى هذا المصير هو الدين والبابوت الذين كانوا يزعمون للناس أنهم مفوضون من قِبَلِ الربّ المسيح, ونادى أولئك الهاربون من الدين بأن البديل عنه موجود, وهو الرجوع إلى القوميات السابقة وأمجادها الغابرة, أما الدين فهو طغيان واستبداد واستعلاء بعض البشر على البعض الآخر, ولم تكن الحرب على الدين من قِبَلِ النصارى والملاحدة فقط, وإنما جدَّ من بعض المغفَّلين المسلمين الذين تشبَّعوا بالقومية العربية من يحارب المسلمين بدافع من حرص على استعلاء القومية العربية, وهذه هي إحدى المكائد التي نجح فيها أعداء الإسلام والمسلمين في محاربة الدين.
د- الحركات والمذاهب الهدامة الأوربية:
حينما آفاق الأوربيون ورأوا ما حلَّ بهم من الغبن الفاحش على أيدي رجال الدين النصراني هالهم الأمر وثاروا كالبركان الهادر في وجه الديانة النصرانية ورجالها الطغاة’ مستعملين كلّ ما لديهم من الأسلحة الفكرية وغيرها في إيقاف ذلك الطغيان, فقامت حركات وآراء فكرية ومذاهب مختلفة, كلّ يعمل من جهته والمصب واحد, هو القضاء على الدين ورجاله, وكانوا في ذلك الهياج العارم منطقيين مع الحال الذي أوصلتهم النصرانية وطغاتها إليه