أو غيره, مما تثبته الأديان من الوحي الإلهي الذي نتج -كما يكذبون- عن البيئة والوراثة والحياة الاقتصادية, وكان هدف الوضعيين هو مقارعة رجال الدين النصراني وإبطال مقالاتهم في الدين بالدين الوضعي الجديد, أو دين الإنسانية.
وقد جاء في الموسوعة العربية الميسَّرة أن الوضعية مذهب فلسفي يقيم المعرفة على نطاق الخبرة الحسية, وأمَّا ما يتجاوز الخبرة الحسية فمعرفته مستحيلة ... كان "هيوم" رائدًا للمذهب الوضعي، و"أوجست كونت" داعية له١.
وقد بدأ ظهور مذهب الوضعية في شكل قوة ظاهرة مع بداية القرن التاسع عشر على أنقاض عصر التنوير كما يسمونه.
ثم اشتد بعد ذلك وأصبح يراد به سيادة الفكر المادي, أو سيادة الطبيعة والتجربة الإنسانية والواقع الذي هو أساس كل الأمور دون غيره.
وكان "هيوم" الذي تشبَّع بفكرة الوضعية يجادل لتصحيح مذهبه هذا, ويثير شبهات سخيفة لتقوية الإلحاد وإنكار وجود الخالق, فأنكر ارتباط الأسباب بمسبباتها على الحقيقة, واعتبر أنها فرضية عقلية غير حقيقية, بدليل أن الأسباب لا تفعل شيئًا تجاه مسبباتها, وسبب ذلك إنكاره قدرة الله تعالى وأنه هو المسبِّب الحقيقي في إظهار الأمور عند فعل أسبابها إذا أراد الله ذلك, وقد تفعل الأسباب, ولكن لا ترى المسببات إذا لم يشأ
١ انظر الموسوعة العربية الميسَّرة ج م, ص١٩٥٤, وانظر الاتجاهات الفكرية المعاصرة ص٤٢.