للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يتعرّض بعض المدافعين عن الإلحاد الشيوعي الماركسي ويقول: إن الإلحاد لم يكن وليد الشيوعية الماركسية, بل إنه قديم في البشرية, ظهر قبل ماركس وظهر بعده.

والواقع: إن الإلحاد ظهر في بعض المجتمعات البشرية قديمًا, ولكن اقتضت حكمة الله تعالى أن يتتابع الرسل مبشرين ومنذرين من عهد نوح -عليه السلام- إلى عهد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم, وقد أخبر الله عن هؤلاء الملاحدة في كتابه الكريم وعلى ألسنة أنبيائه, ودحض حججهم وبيَّن زيفها -ولله الحجة البالغة, وكان الإلحاد في الزمن القديم يختلف قوة وضعفًا باختلاف القائمين عليه، فمنهم من كان إلحاده في إدخال شركاء مع الله تعالى كالوثنيين والمجوس وهم الأكثرية، ومنهم من كان إلحاده البعد عن الله تمامًا والالتجاء إلى الدهر {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} ١، ومن هؤلاء الدهرية صنف من معطِّلة العرب الذين أنكروا الخالق والبعث والإعادة فيما يذكر الشهرستاني٢، ويظهر أنهم قلة من العرب، وظلَّ الصراع قائمًا على أشده بين أولياء الله الموحدين وأولياء الشيطان إلى أن جاء الإلحاد الحديث على يدي ماركس وأتباعه, فإذا به طوفان مبين لا يبقي ولا يذر، قائم على محاربة الله تعالى ورسله والأديان كلها, وإنكار وجود خالق الخلق في تنظيم وشمولية ليحلَّ محل كل الأديان بخطط مدروسة.


١ سورة الجاثية، الآية: ٢٤.
٢ الملل والنحل "ج٢" ص ٢١٥.

<<  <   >  >>