وأما منح الحق لكل إنسان أن يستخدم كل وسائل الإنتاج علمية أو فنية فنعم, ولكن عمله ليس له, إنما هو يعمل كما تعمل الآلة بلا كلل ولا ملل لحساب الدولة التي أمَّمَت كل شيء وسدَّت كل باب للملكية الفردية, وما دام المصب واحد فلا يضر اختلاف المجاري, أو على حد مقالة الخليفة العباسي للسحابة:"أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك".
٦- ومن أكبر مزاعمهم قولهم: إن الاشتراكية إنما قامت في رد فعل ضد الرأسمالية إثر ظهور الثورة الصناعية التي أسهمت في شقاء العمال والكادحين؛ حيث أدَّت إلى زيادة ساعات العمل وانخفاض الأجور, مما تسبَّب في إلحاق كوارث بالعمال وخيمة, وأنه لم يكن لهم مخرج من تلك الأوضاع ولا منقذ غير الانضواء تحت راية الاشتراكية الماركسية, ونبذ النظام الرأسمالي الذي لا يرحم الفقراء ولا يعترف بحقوقهم, ولكن وضع دعاة الاشتراكية هذا يصدق عليهم المثل القائل:"إذا كان بيتك من زجاج لا ترجم الناس"؛ إذ بإمكان أيّ رأسمالي أن يقول للاشتراكيين: ألم تروا حال العمال والكادحين لديكم, ومدى البؤس والشقاء الذي حلَّ بهم؟ إضافة إلى أنكم حوَّلتم العامل من إنسانيته إلى أن جعلتموه قطعة من أدوات الإنتاج لا قيمة له إلّا من خلال سلوكه وعمله مع المجموعة.
فظهر أن النظامين معًا جائرين ظالمين لا خير فيهما, ولا رحمة حقيقيةًَ فيهما على الفقراء.