ولظنّهم أن الشيوعية ستبني وتنهض بسبب هذه الدعايات الرخيصة, ولكنهم فوجئوا باستحقار الناس لهم واستهجانهم لهذا السلوك الشائن, فعادوا وزعموا أن شيوعية النساء ليست قاصرة على المذهب الشيوعي, وإنما هي قضية شائعة بين كل الطبقات خصوصًا الأغيناء بصور مختلفة، ولكن هذا الدليل هو واهٍ كبيت العنكبوت لم يخرجهم أيضًا من استحقار الناس لهم في مناداتهم بالفوضى الجنسية العارمة؛ لأن الباطل لا يستدل له بالباطل, وذلك أن استدلالهم بالمنحرفين لا يعطيهم المبرر لدعواهم, فهو تبرير باطل بباطل, ويكفي أن يقال عن الجميع: إنها أوضاع فاسدة جاهلية يجب أن تصحح, ولا تستحق أن تكون قدوة أو دليلًا يظلمون به فطر الناس ويخدشون كرامتهم, سواء كانوا من الأغنياء أو من الفقراء, فهو عمل لا تقره حتى الحيوانات.
وأما زعم الملاحدة أن الناس في الشيوعية الأولى كانوا يعيشون عيشة متساوية لا فروق بينهم, فهو افتراض ينقصه الدليل, فمن أين لهم أنهم ما كانوا يشعرون بالفوارق فيما بينهم, وأقل ما فيها فوارق في الذكاء, فوارق في إتقان العمل، فوارق في القوة الجسدية والنفسية، فوارق في الشجاعة، وفوارق في المال ... إلى آخر الفوارق التي لا يجهلها أيّ إنسان سليم العقل, وحتى الملاحدة لا يجهلونها, لولا أنهم يريدون تحبيب الشيوعية إلى الناس, وخصوصًا الناس الذين يشعرون بانتقاص المجتمع لحقوقهم, أو أنهم مغلوبون على أمرهم, ويتمنَّون أي فرصة لإثبات وجودهم الذي يحلمون به, فانتهز الملاحدة وجود هذه الفوارق الحتميّة بين الناس للمناداة بالقضاء عليها, وأنَّى لهم ان يطبقوا ذلك فعلًا وهو مخالف لما أراده الله تعالى في سننه, ذلك أن