للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به في حركة دائبة يسمونها "الحركة في الطبيعة", أي: إن كل موجود إنما هو نتيجة لحركة المادة وتطورها بدءًا وانتهاءً, تنشأ ثم تضحمل أبد الدهر في تطوير سيمونه أيضًا "التطور في الطبيعة", ويتم هذا في حركات سريعة ضرورية’ وأحيانا تحصل فجأة, تنتقل معها الأشياء من البسيط إلى المركب, ومن الأدنى إلى الأعلى, في تطور متلاحق طول الوقت, مما ينتج عنه ما يسمونه "التناقض في الطبيعة", وهذا التناقض هو الذي ينتج عن تطور الحوادث وتفاعلها فيما بينها؛ لينتج من التناقض بين القديم والجديد, وبين ما يموت وما يولد, وبين ما يفنى وما يتطوّر, مصادر تطورية جديدة مختلفة, بمعنى أنه يحدث الشيء حتمًا ثم يحدث ما يضاده لتأتي النتيجة الحتمية الصحيحة, ومن هنا تؤيد الشيوعية التصادم والتضاد بين الأمور لتصل إلى النتيجة من راء كل تضارب وتصادم١.

وكل ذلك إنما هو هوس فكري وتخبط مقيت: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ٢, وكلها افتراضات يريدون من وراءها أن تحلّ المادة محلّ الإله سبحانه, وتصريفه الأمور حسب مشيئته وقدرته, تلك التعليلات العقيمة لوجود الأمور بعد أن لم تكن إنما هو لصرف الذهن عن قدرة الخالق على الإنشاء والإيجاد, وإلا فأي منطق يقتنع بأن الأمور تتطور لمصلحة الإنسان أو لمضرته من تلقاء نفسها؛ لتنتج أمورًا لا بُدّ منها بزعمهم؛ لتستقيم الحياة ويبقى الكون.


١ بتصرف من مذاهب فكرية ص١٧٥.
٢ سورة النور، الآية: ٣٩.

<<  <   >  >>