للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد حاول المادّيون وهم ينكرون موجِد هذا الكون أن يلفِّقوا شبهات كثيرة ليدللوا بها على إلحادهم, ولكن ما من شبهة من شبههم إلّا وهي تصفع وجوههم وتكسر قلوبهم, وتقول لهم: معاذ الله أن أكون دليلًا على عدم وجود الذي أوجدني, فما إن يجدوا أدنى شبهة يكتشفونها إلّا وطاروا فرحًا وزعموا أن كل ما اكتشوفوه يدل على عدم وجود موجد حقيقي غير المادة وطبيعة المادة الحتمية بزعمهم.

وكم حمَّلوا هذه المادة التي تعادل في تصرفاتها عند الملاحدة تصرفات خالق الكون عند المؤمنين, وكم ظهرت لهم من حقائق حيرتهم في دفَّة موجدها, ولكن قلوبهم التي أشربت حب الكفر والتمرُّد على طريقة أستاذهم إبليس أبت أن ترجع إلى الحق, فمثلًا قانون الجاذبية الذي أوجده الله وثبت به هذا الكون العلوي والسفلي هو أكبر من السماء وما فيها من مخلف الأجرام, وهو أكبر من الأرض وما عليها حين اكتشفوه قالوا: عرفنا الآن أنه لا خالق, لا ممسك لهذا الكون إلّا الجاذبية, وحين فاجأهم المؤمنون بالله بهذا السؤال, ومن خلق هذه الجاذبية؟ هل خلقتها السماء لحاجتها إليها؛ لتمسك بأجرامها أن تقع على الأرض؟ أم أنَّ الأرض خلقتها لحاجتها إليها لتستقر عليها من فوقها؟ أم أنه هي بنفسها أدركت حاجة السماء والأرض إليها فأوجدت نفسها؟ سبحانه الله عمَّا يفترون.

وحينما أنكروا وجود الله تعالى, قيل لهم: هذا الكون العجيب المتناسق المحكم الذي لا يطغى بعضه على بعض {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ

<<  <   >  >>