وهذه الجدلية تلاحظ دائمًا أن هذا الكون دائم التغيُّر والتطور في فعلٍ ورد فعلٍ أشبه ما يكون بحركة المتجادلين, وقد أرجع "ماركس" هذا التجادل إلى المادة وتأثيراتها, بينما كان "هيجل" يرى أن تلك التغيّرات هي للقوة الغيبية المؤثِّر الحقيقي فيها -كما عرفت مما تقدّم.
جدلية هيجل:
وقد تصوَّر هيجل -حسب خياله- أنَّ تلك الحركة في التغيير والتطور في الكون تسير وفق دورات لولبية صاعدة دائمًا, وكل دورة قسَّمها إلى ثلاث مراحل هي:
- المرحلة الأولى: سماها الطريحة أو أطروحة الدعوة -أي: الأمر.
- المرحلة الثانية: سماها النقيضة أو النفي أو مقابل الدعوى - أي: ضد ذلك الأمر.
- المرحلة الثالثة: سماها الجميعة أو نفي النفي, أو جامع الدعوى - أي: النتيجة.
فمثلًا: البرعم يسميه الطريحة, ونقيضة الزهرة, ثم تأتي الجميعة التي هي الثمرة, وهي أرقى من البرعم والزهرة في تطور متصاعد دائمًا, وبعضهم يسمي هذه المراحل "الوضع ونقيضه", ومؤتلف الوضع ونفيه, وكلها افتراضات خيالية تصورها "هيجل" في تضادٍّ دائم بين الشيء ونقيضه, والنتيجة النهائية لهذا النقيض الذي يمشي صاعدًا في تطورٍ هو نهاية كل نقيضين. وغاب عنه أنه لا يمكن اجتماع النقيضين في وقت واحد على شيء واحد؛ لأنه مستحيل إلّا في خيال الفلاسفة الفارغين.